يثير هذا الكتاب إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بتقييم المجلات والمؤسسات
والباحثين تقييمًا ببليومتريًّا من قِبَلِ قواعد البيانات الدولية الكبرى التي
تتسم بالهيمنة، كما يثير إشكالية التحيزات الجيوسياسية والأيديولوجية الخفية التي
تهيمن على عمليات التقييم، فضلًا عن رصده لعمليات إضفاء الطابع الإنجليزي على
قواعد البيانات المصنفة، وفرض استعمال ببليوجرافيا إنجليزية تكون حصرًا -أحيانا-
من المجلات الأمريكية الكبرى التي تتسم بطابع الهيمنة والاستحواذ أيضًا.
أثارت الإشكالات وغيرها عند مؤلفي هذا الكتاب قلقًا وارتيابًا تولَّدَ
عنهما شكٌّ ورفضٌ واستهجانٌ، وهؤلاء الباحثون هم علماء فرنسيون متخصصون في علم
النفس، وتخصصُ علم النفس، في هذا السياق، يُعْتَبر نموذجًا للباحث الفرنسي في
العلوم الإنسانية كلها، كما يعتبر -من وجهة نظري- نموذجا للباحث في العلوم
الإنسانية في البلدان غير الناطقة بالإنجليزية.
إنه كتاب جريء جاد يحاور بمطرقة نيتشه التي تسعى بكل قوة إلى تحطيم أصنام
الهيمنة الاستعمارية الكبرى، ويدعو إلى إعادة النظر في مسألة اللهاث خلف قواعد
البيانات الدولية، ويعمل على تحطيم الصنم الأمريكي الببليومتري الذي لن يكون
مهمًّا إلا لو تجاوز الغطرسة والهيمنة والتحيز والديكتاتورية في مجال القياس،
والتعامل مع اللغات وبحوث الأمم الأخرى بعين متجردة من أي نزعة إقصائية.