لأن مسألة
اللفظ كانت مسألة مشؤومة على أهل الحديث، أثارت بينهم كثيرًا من النزاع، واختلاف
الرؤى الذي يصل إلى حد التبديع والتكفير، وكانت مقاربة ابن قتيبة لهذه الاختلافات
مقاربة تحليلية بديعة، تكشف عن الكامن في النفوس خلف الشقاق والاحتراب، وتبين عن
أسباب النزاع، وتحاول أن تصل بأهل الحديث في هذه المسألة الشائكة إلى سواء السبيل،
وتوقف ما بينهم من صراع حولها.
حاولت هذه
الدراسة أن تقدم مقاربة أخرى تضاف إلى المقاربات المتداولة في التعامل مع الاختلافات
الكلامية، وهي المقاربة النفسية، ولفتت النظر إلى أهمية كتاب (الاختلاف في مسألة اللفظ)،
باعتباره وثيقة تاريخية مبكرة في تفسير الخلافات الكلامية التي حدثت بين أهل الحديث
في القرن الثالث الهجري، كما كشفت عن مركزية تأثير الدوافع النفسية باعتبارها مدخلًا
أساسيًّا لفهم هذا الكتاب، ودللت على أن التحيزات النفسية هي التي اعتمد عليها ابن
قتيبة في تفسير ظاهرة الانقسام والتكفير التي وقعت بين أهل الحديث حول مسألة اللفظ.