لأن «تشكل التفسير الكلاسيكي» أول دراسة شاملة عن تفسير الثعلبي تبين أهميته وأثره بين كتب التفسير، بعد أن نالته أيادي النقد بالثلب والسلب حتى غدا في أعين الباحثين قليل الأهمية مليئًا بالترهات والخرافات، في حين أنه يعد أساسًا لكتب التفسير المتأخرة عنه، التي استفادت منه تأثرًا أو نقلًا أو اختصارًا.
ففي مواجهة المادة التفسيرية السابقة على «الكشف»، والتي لا ينفك حجمها يتزايد، انطلق الثعلبي في تنظيمها وترتيبها وإثرائها؛ إذ لم يعد تفسير القرآن كسابق عهده، بعد أن حلّ العصر الكلاسيكي للمصنفات الموسوعية، وصار بإمكان المفسر أن يتحدث عن أي موضوع طالما أنه متعلق بكلمة قرآنية أو مفهوم قرآني.
وبذلك أعاد الثعلبي تعيين ما يمكن وما يسوغ إدراجه في تفاسير القرآن، وأضحى لدينا ولأول مرة في تاريخ تفسير القرآن، عناوين فرعية في متن التفسير غير أسماء السور نفسها، ويتناول عددٌ كبير من الفصول مسائلَ فقهية، وهو أمر غير مستغرب بالنظر إلى كثرة الآيات القرآنية التي تتناول هذه المسائل.