النظر المصلحي والمنهج الكلي

«دراسات شرعية»

إن «الكلي» و«المصلحة»  ثنائي يمكن وصفه بـ«ثنائي المنهج والأداة»؛ وهو أحد أهم دعائم المشروع الإنقاذي الذي لجأ إليه إمام الحرمين.

فالمنهج:  يقوم على تتبُّع الكلي بإطلاقاته المختلفة، في محاولة للارتقاء بالظنيات التي تطفح بها مسائل الفقه إلى القطعيات؛ لسَدِّ القصور الذي خلَّفه ندرة القطعي في مقابل الكم الكبير من الظنيات، التي أنتجت قصورًا في علاقة الفقه بالواقع .

والأداة: تكمن في المصلحة، سيما والشريعة تقوم على الِحكَم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، غير أنَّ اهتمام الفقهاء تركَّز بالدرجة الأولى على جزئي المصالح، على حساب الكلي منها.

لذلك لجأ الجويني من خلال هذه الثنائية القائمة على منهجٍ يتتبَّع الكلي ويرصده، وأداة هي المصلحة، وبالأخص الكلي منها؛ لذا كان مناسبًا إضافة أحدهما للآخر إضافةً تكاملية. «كلي المصلحة»؛ وما ذلك إلا لكون مفهوم المصلحة بمراتبها المختلفة هي الجزء الأهم الذي يمثل كليات الشريعة.

 على أن لهذه الثنائية مقاصد أخرى سيُناط بهذه الدراسة بيانها من خلال فصولها المختلفة.