لأن معاوية بن أبي سفيان شخصية محورية في التاريخ الإسلامي، بما يحمله حضورُه
من ثِقَلٍ وتأثير في مُجْرَيات الأحداث التاريخية الكبرى في الإسلام المبكر، كاتبًا
للوحي، وأميرًا للشام، ومؤسسًا للخلافة الأموية. يدرس الكتاب كيف شكَّلَت النماذج التي استخدمها المؤرخون
الأوائل بناء معاوية في رواياتهم.
يقدم هذا العمل محاولة لفهم
التعليقات التي قدمها المؤرخون المسلمون الأوائل على الخليفة الأموي معاوية بن أبي
سفيان بشكل صحيح. حيث إن تصوير معاوية في الروايات الإسلامية المبكرة يعتمد إلى حد
كبير على الفترة التي جرت فيها هذه الروايات ويعكس مواقف الرواة تجاه أحداث تلك
الفترات، ومن ثم نجد أن معاوية قبل الفتنة يختلف تمامًا عن معاوية أثناء الفتنة وعن
معاوية بعد الفتنة، ليس ثَمَّ تطور أو تراجع للشخصية، بل إن الفترة التي وجدت فيها
هذه الشخصية نفسها هي التي تنسج معالم صورتها.
لقد كشف هذا العمل عن النماذج التي
استخدمها المؤرخون الأوائل في تصويرهم لمعاوية. كما يُظهر أنه على الرغم من أن
شخصيات معاوية مختلفة في المصادر الإسلامية المبكرة، إلا أن اللبنات الأساسية
لتاريخه تظل موحَّدة في جميع أنحاء المصادر حتى في أكثر هذه المصادر عدائية تجاهه.