لأن الرازي يعد علمًا على مرحلة مهمة من مراحل تطور علم الكلام في الغرب
الإسلامي، تسعى هذه الدراسة للتأريخ لظاهرة تفاعل المتكلمين المغاربة مع الإمام
الرازي وطريقته الموسومة بطريقة المتأخرين. فكانت، من ثَمَّ، محاولة في كتابة
تاريخ المذهب الأشعري في البلاد المغربية بعد تراكم الجهود المختلفة من الباحثين
في هذا الباب، وتوالي ظهور نشرات أعمال المتكلمين المغاربة، وذلك بعد أن كانت
حالتها المخطوطة تحد من الاستفادة منها.
وتعد هذه الدراسة، أيضًا، إسهامًا في دراسة التاريخ الفكري المغربي، الذي
يقوم جزء كبير منه، منذ الفتح الإسلامي، على تلقي المذاهب والطرائق والأعلام
المشرقية. وقد كانت لتفاعل المغاربة مع المشارقة صور مختلفة، من قبيل العناية
بتحصيل التواليف، وتدريسها، وشرحها أو اختصارها ونحو ذلك، مما نتج عنه نشاط الحركة
العلمية في مختلف الفنون وتميزها باختيارات مغربية فريدة لا تخطئها أعين الباحثين.
كما تخوض هذه الدراسة في رصد أثر فخر الدين الرازي على تطور علم الكلام
أساسًا، حيث لا يخفى على المشتغلين إفادته من العلوم العقلية والمشاركة فيها، لا
سيما في الحكمة والمنطق، بعد أن كانت هذه العلوم مرفوضة عند أغلب نُظَّار أهل
السنة. فكانت هذه المصالحة سببًا في تجاوز بعض الإشكالات الكلامية في طريقة
المتقدمين، وتقديم نماذج جديدة من المسائل والاستدلالات ميزت طريقة المتأخرين،
وانتعشت معها العناية بتواليف الفلاسفة، لا سيما مصنفات الشيخ الرئيس ابن سينا.
ومع تزايد الاهتمام في الدراسات المعاصرة بالرازي، بالعربية وغيرها، خصوصًا ضمن
دراسة السينوية.