حقول الإصلاح في الفكر الإسلامي المعاصر؛ نماذج اجتهادية وإشكالات منهجية

«دراسات فكرية»

ليس الغرض من الكتاب، مجرّد القيام برصف جهود هؤلاء المفكرين الإصلاحيين، بل أن ننفذ إلى البنية المعرفية والمنهجية التي استطاعوا من خلالها أن يتحقَّقوا بمواصفات إصلاحية نوعية في حقول المعرفة والأخلاق، والسرُّ في نوعيتها، أنَّها نفذت إلى أساسات الفكر الغربي، في رؤيته إلى العالم وفي فعله التاريخي، ثمّ بنت أنساقها الإصلاحية على إحداثية التَّعالُق الإبداعي بين أدوات الوعي الغربي وبين منطلقات الفكر الإسلامية؛ في كلياته التَّأسيسية وعلومه الاجتهادية.


فالمعالم المستخلصة من الجهود الإصلاحية لهؤلاء المفكرين، ليست من أجل الوصف فحسب، بل إنّ أمامنا واجب تحويلها إلى دليل تدريب فكري لجيل من الشَّباب؛ الباحث عن صيغ فكرية لبناء ذاته؛ في ظل تقطع السُّبل وتعكُّر الرؤية؛ إنَّها مثالات على البناء المنهجي في التَّفكير والبحث والسُّلوك، وجهود منهجية للذَّات المسلمة كي تقتدر على التَّواصل مع العالم؛ من غير قطيعة سلبية، وتتواصل مع الجوانب المضيئة في التراث من غير ارتداد سلبي أيضًا.

وقد قصدنا بتحليل هذه النماذج أولًا عرض مفاهيمها ومناهجها في الإصلاح المعرفي والخلقي، وثانيًا لفت النّظر إلى أهميتها تربويًّا والاستفادة من العوامل والشُّروط الاجتماعية والتَّكوينية التي أخرجت مثل هؤلاء؛ لأجل التَّفكير في مدارس تكوينية تمكّن من إعداد «صنف المفكّرين المبدعين» وفق برامج ومقرّرات تأخذ من فكر هؤلاء المنهجية التَّكوينية وآليات التمكُّن من الفكر الغربي فهمًا ونقدًا وتقريبًا.