الاستدلال في علم الكلام الأشعري

«دراسات شرعية»

لأن علم الكلام الأشعري لم يكن نظرًا مقتصرًا على القضايا المعهودة في أصول الدين، بل كان تشريعًا للعقل السني، فإذا كان علم أصول الفقه قد اضطلع بالتشريع للميدان العملي، فإن علم الكلام ظل يروم التشريع للعقل العلمي، ويحدد الأدوات المنهجية والعقلية بما ينسجم مع نصوص الوحي.

تسعى هذه الدراسة إلى تتبع المنهجية الأشعرية في الاستدلال والكشف عن علاقاتها المفترضة مع التقاليد المنهجية الأخرى، كما تسعى إلى التعرف على القضايا المنهجية المتعلقة بالاستدلال التي شغلت المتكلم الأشعري الذي لم يكن وحده في هذا الساحة الفكرية.

ولا تتوخى هذه الدراسة بحكم الأهداف التي رسمتها، وبحكم المنهج الذي نهجته، التقويمَ وإصدار الأحكام والتقييمات كيفما كان نوعها، كما لا تسعى إلى المفاضلة بين الآراء، أو الانتصار لمذهب دون مذهب، أو لموقف عقدي دون غيره.

وإذا كانت هذه الدراسة قد محضت للأشاعرة، فإنها قد استعانت ببعض المتكلمين المحسوبين على الحنابلة ممن يتقاسمون والنظَّارَ الأشاعرة مشروعية النظر العقلي الحجاجي، وبعض المعتزلة؛ لوجود القواسم المشتركة بين الأشاعرة والمعتزلة.